في لحظة وقوفي أمام بوابة قرية النبي صموئيل، كانت مشاعري ممزوجة بين التحمس والإحباط تخللها اختراق لنسمات الهواء البارد التي تداعب أطرافي المكشوفة، لم أكترث بها لتركيزي على الدخول القرية، لاكتشاف مكنونات وخبايا هذه القرية المحاصرة.
عند وصولي للحاجز انقبض قلبي وأخذت نبضاته تمتد وتجزر، وبدأت أتكهن باحتمالين، إما الدخول أو الخروج فلا ثالث لهما.
مع أن إحساسي نبأني بأني سأعود، إلا أنني خنقت هذا الشعور المحبط، وأخرجت خصلة من التفاؤل الذي سرعان ما اندثر مع قرار الجندي " ممنوع دخولها وعليها النزول من السيارة والعودة حيثما أتت"، نفذت القرار دون الجدال والخوض في نقاش لمعرفة الذنب أو الخطايا التي اقترفتها ومنعوني من الدخول.
بالعادة الرجل هو الذي يمنع من الدخول ويشددون علية، واستغربت لمنع فتاة، ولبرهة أحسست بخجل لسقوط نظرات المارين المشككة ولسان أحدهم الذي أطلق جوهرته " أبصر شو هالبنت عاملة مش راضين يدخلوها"، والشيء الذي اقتلع هذا الخجل هو كثرة المتهمين المتواجدين أمام هذه القلعة.
ومما أثار انتباهي الزي الفلسطيني الذي يزين أجساد النساء القرية التاريخية، والروتين المنقوش على وجوه أطفالها، والتعبير عن اندهاشهم إذا استفاقوا ولم يجدوا هذا المعلم الذي ينظم حياتهم ويراقبها.
هل من المعقول أن محمود دوريش تنبأ بالحديقة القومية التي وصفها قائلا:
أسمع يا صديقتي ما يهتف الأعداء
|
أسمعهم من فجوة في خيمة السماء :
|
" يا ويل من تنفست رئاته الهواء
|
من رئة مسروقة !...
|
يا ويل من شرابه دماء !
|
و من بنى حديقة ... ترابها أشلاء
|
يا ويله من وردها المسموم "
|
في كل ثانية وقفت بها أمام القلعة في انتظار سيارة تقلني، داعبت منظرا ونقشت في تاريخه لأعرف حكايته ، ويقص لي قصة تسليني في دقائق الانتظار القاتلة والمحزنة.
ناردين أبو نبعة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق